ساهمت المرأة السودانية في تعليم القرأن الكريم ولكن المؤرخين ورواد التراجم بل المجتمع كله ظل يخفي للمراة حقها لا تبخيسا لقدرها ولكن حرصا عليها وصونا لذاتها ، والمراة السودانية صاحبة كلمة نافذة نالت حظها من تعاليم القرآن الكريم وعملت علي تعليمه أمثال الشيخة المعلمة فاطمة بت جابر والدة الشيخ صغيرون ولدت في ديار الشايقية وحفظت القرآن الكريم مع اشغائها الاربعة أولاد جابر.
والفقيهة عائشة بت ود قدال وخلاويها بجبل أولياء والتي تتلمذ علي يدها الشيخ خوجلي ابو الجاز وتضم السلسلة الذهبية شيختنا أمونة بت عبود يقول رفاعة رافع الطهطاوي في السودان( وقد رأيت في طريقي لبلاد الشايقية بمديرية دنقلا حرم سنجك يدعي الملك الازيرق تسمي السيدة أمونة تقرأ القرآن الكريم ومؤسسة مكتبين احداهما للغلمان والثاني للبنات كل منهما لقرآة القرآن الشريف وحفظ المتون ،وتنفق علي المكتبين من كسبها من زراعة القطن وحلجه وغزله وتشغيله ولاترضي أن يشوبه من مال زوجها وبجانب المكتبين لديها خلوات لمن يختلي من العباد والزهاد الحضرين من أقصي البلاد لأداء فريضة الحج ومنزلها كالتكية للفقراء وأبناء السبيل والقاصدين بيت الله الحرام.
وكل خلاوي امونة وخلاويها ونشاطها التعليمي بمدينة شندى والدها عبود واخواتها مهيرة بت عبود الشاعرةالمشهورة التي شاركت في واقعة كورتي عام 1820م وبقية شقيقاتها غوالي ، مرار ، فاطمة الزرقاءومن نسلها الملك أصول والد العطا ود اصول القائد المعروف والفريق الرئيس ابراهيم عبود رحمه الله.وقيل ان امونة كان ميلادها في اوسلي مركزمروي وقيل في كبوشية ولكن نشاطها وخلاويها كانت في وادي بشارة وبعد حفظها القرآن الكريم تزوجت محمد الازيرق الذي صار سنجكا في التركية.
اهتمت امونة بجانب بيتها بالتعليم وبدأت بأبناء الاسرة ثم ثم أبناء القري المجاورة وفصلت في تعليمها بين البنين والبنات فجعلت للبنات فصولا دراسية وسكنا خاصا ومثله للبنين ، واستعانت بمشايخ معلمين من خارج المنطقة وعرفها الناس شرقا وغربا لاسيما حجيج غرب افريقيا الذين كانوا يقدمون عبر دارفور وكردفان ثم ينزلون النيل ناحية أم درمان ومنها ينحدرون شمالا حتي بربر ثم ميناء سواكن ، وقد كان يزورها الحجيج الافريقي السوداني يقطعون المراحل بالابل وعلي أرجلهم ولهم في كل مرحلة منزلة معلومة يجدون فيها الطعام والامن وصارت دار أمونة بت عبود منزلا للحجيج الافريقي السوداني وكل الذين يسافرون بالضفة الغربية للنيل ، وقد كان غبطتها بالدارسين عظيمة اذ كانت تنفق عليهم من زرعها وكانت تمتلك أرضا واسعة علي النيل ولديها نفر ممن يحسنون العمل الزراعي وخصصت ساقيتين لزراعة القطن وبعد حصده تغزله نساء الحي وطالبات القرآن . واستخدمت نساجين من جهات المتمة والجبلاب وبعد النساجة توزعه كساء للطلبة والطالبات ومازاد تتصدق به علي الحجيج وغيرهم، كما كانت تقوم بنفقة واسعة اذ انها كانت تجمع جلود ذبائح النفقة وتصنع منها النعال المعروف ( الشقباية) وتوزعه علي الطلبة والحجاج.، كان اهتمامها بالحجيج كبيرا وقد نشروا اسمها في كل الاصقاع ، تنازل لها بعض الاهالي عن بعض اراضيهم ليزداد ريعها انفاقا علي تعاليم الدين والقرآن الكريم ، ثم صار كل شئ بإسمها ( حلة أمونة،جزيرة أمونة،سواقي أمونة، نخيل أمونة) ، أما المقبرة التي ضمت رفاتها الطاهرة فهي مقابر (رية) عرفت عند البعض بإسم ( تربة أمونة).وأراضي أمونة لم تورث وسجلت علي الشيوع في زمن المستر (بل) وقفا علي الضعفاء. كانت الشيخة تعيش عيشا متقشفا كما عرف عنها الورع حيث لا تقابل الرجال الا من وراء ستار ، ظلت حتي أخريات ايامها في خدمة كتاب الله ونشر المعرفة